الاعلامي ياسين شعبان يكتب "الدور المصري: ركيزة إقليمية لوقف النار ومنع تصفية القضية الفلسطينية.
أكد الإعلامي ياسين شعبان مقدم برنامج »يحدث بالفعل» بقناة الحدث اليوم والمستشار الإعلامي ، أن منذ اندلاع التصعيد الأخير في قطاع غزة، تبرز جمهورية مصر العربية كطرف محوري لا غنى عنه في السعي لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في المنطقة. إن الدور المصري، المستند إلى الجغرافيا والتاريخ ومعاهدة السلام، لم يقتصر على مجرد الوساطة، بل تحول إلى قيادة دبلوماسية وإنسانية حازمة لوقف نزيف الدم وحماية الشعب الفلسطيني.
الدور الدبلوماسي والوساطة
تعتبر القاهرة أحد الأعمدة الرئيسية لجهود وقف إطلاق النار، حيث لم تدخر جهداً في التواصل المباشر مع جميع الأطراف، سواء بشكل منفرد أو بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة. وقد تجسدت هذه الجهود في محطات رئيسية:
• قيادة مفاوضات الهدنة: استضافت القاهرة جولات تفاوض غير مباشرة بين إسرائيل وحماس، مما أسفر عن إبرام هدنة إنسانية مؤقتة في نوفمبر 2023 أتاحت تبادل الأسرى والرهائن وإدخال المساعدات.
• طرح المبادرات: كانت "الورقة المصرية" أساساً للعديد من المقترحات التي تهدف إلى وقف شامل للقتال، بما في ذلك خطط متدرجة لتبادل الأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة الإعمار.
• حشد الدعم الدولي: دعا الرئيس المصري إلى عقد قمة القاهرة للسلام في أكتوبر 2023 بمشاركة دولية واسعة، وكان هدفها حشد الرأي العام العالمي لدعم وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات. كما عملت مصر على حشد الدول لدعم مبادرات دولية للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها للقانون الدولي.
الدعم الإنساني ورفض التهجير
إلى جانب المساعي الدبلوماسية، كان الدور الإنساني لمصر حاسماً، حيث قامت بما يلي:
• بوابة المساعدات: ظل معبر رفح، تحت السيطرة المصرية، الشريان الحيوي الرئيسي لإدخال المساعدات الإغاثية والطبية والوقود إلى القطاع. وعلى الرغم من التحديات، استمرت مصر في تسيير آلاف الشاحنات التي تحمل أطناناً من المساعدات، مؤكدة على ضرورة إدخالها بكميات كافية ودون عوائق.
• الخطوط الحمراء: وضعت مصر رفضها القاطع لتهجير أهالي قطاع غزة إلى سيناء كخط أحمر استراتيجي. هذا الموقف الحازم نابع من الحفاظ على القضية الفلسطينية والأمن القومي المصري، وقد حذرت القاهرة مراراً من أن أي محاولة لتصفية القضية على حساب أطراف أخرى ستعرض المنطقة لمخاطر جمة.
• الدعم القانوني والسياسي: أعلنت مصر عن عزمها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، مما يعكس تحولاً في آليات الضغط الدبلوماسي لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة.
التحديات والرؤية المستقبلية
على الرغم من الجهود المكثفة، اصطدمت المساعي المصرية في كثير من الأحيان بـ**"التعنت الإسرائيلي"** وبعض التعقيدات الإقليمية والدولية. ومع ذلك، تبقى الرؤية المصرية ثابتة:
1. وقف العدوان وفتح المعابر: الإصرار على الوقف الدائم لإطلاق النار والسماح بالتدفق الكامل والآمن للمساعدات.
2. اليوم التالي: التركيز على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد الصف لدفع مسار الحل السياسي، مع التأكيد على أن إعادة الإعمار يجب أن تتم بالتوازي مع ضمان استقرار القطاع وأمنه.
3. حل الدولتين: لا تزال مصر تؤكد أن الحل الوحيد والمستدام هو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
باختصار، يمثل الدور المصري في الصراع الأخير نموذجاً لجهود دولة محورية تستخدم كل أدواتها الدبلوماسية والإنسانية والقانونية لدرء المخاطر عن شعب شقيق وتجنيب المنطقة حرباً إقليمية واسعة، مؤكدة على أن طريق السلام يبدأ بحقن الدماء وإنهاء الاحتلال.
