آلاء أسامة نصر العراقي.. المحامية التي كسبت احترام القضاء وانتزعت البراءة من قلب الجنايات
النشأة والحلم المؤجل
ولدت آلاء أسامة نصر العراقي في 29 مايو 1999، بقرية ميت عساس، مركز سمنود بمحافظة الغربية. منذ طفولتها، تميزت بشخصيتها الاجتماعية وحبها للحياة، وكانت تحلم بدراسة الإعلام، لكن القدر كان له رأي آخر. أثناء دراستها الثانوية في السعودية، اجتازت الامتحانات في مصر، لكن مجموعها لم يؤهلها لدخول الإعلام، ما سبب لها صدمة كبيرة.
قرار الأم.. وبداية المشوار الحقوقي
رغم الحزن، كان لوالدتها رأي مختلف. فقد أرادت أن ترى ابنتها محامية "عندها ضمير"، بعد تجربة قاسية عاشتها عندما لجأت للقضاء ولم تجد من بين المحامين من يتعامل بأمانة أو وضوح. انتهى الأمر بأن باع محاميها القضية، وكان ذلك سببًا حاسمًا في إصرارها على أن تدخل ابنتها كلية الحقوق لتكون صوتًا للحق.
من التردد إلى الشغف
دخلت آلاء كلية الحقوق رغم عدم اقتناعها، لكنها قررت أن تجرب التدريب العملي مبكرًا. في السنة الأولى، بدأت في مكتب محاماة متخصص في القضايا الجنائية، وسافرت بين محاكم طنطا والقاهرة والإسكندرية والمنصورة، وخاضت تجربة شاقة بمعنى الكلمة.
أول رُقي أمام منصة الجنايات
لحظة فارقة في حياة آلاء، حينما حصلت على كارنيه المحاماة فور تخرجها، وكانت أول من استلمه في دفعتها. وبعدها مباشرة، تم تكليفها بحضور أول جناية، رغم كونها ما تزال على "الجدول العام". صعدت منصة الدفاع وسط ذهول القضاة، كونها الفتاة الوحيدة في قاعة الجنايات.
قطع رئيس المحكمة مرافعتها ليسألها عن دفعتها وجامعتها، ثم مازحها قائلاً:
"إنتي لحقتي تتعلمي الحيطة والحذر؟!"
لكنه ختم كلامه بجملة لا تنساها آلاء أبدًا:
"إنتي هاتبقي محامية ممتازة."
وفي تلك الجلسة.. انتصرت آلاء، وحصل موكلها على البراءة.
الاستقلالية وتحقيق النجاح
من هنا بدأت آلاء رحلتها الخاصة، وبدأت تعتمد على نفسها بعيدًا عن المكتب، وتولت العديد من القضايا الجنائية بمفردها، من أول التحقيقات والتجديدات حتى جلسات الموضوع والمرافعة. وبفضل الله، أصبحت متمكنة، وكسبت ثقة الناس في وقتٍ قياسي.
مؤخرًا، حصلت على براءة في قضية كبيرة بتهم: بلطجة، ترويع، إطلاق عيار ناري، وفرد خرطوش، وكانت القضية مُلفقة بالكامل. عملت عليها بكل إخلاص، حتى نجحت في إثبات براءة المتهم.
مواجهة التحديات وكسر الصور النمطية
رغم النجاح، واجهت آلاء الكثير من الانتقادات، خاصة من المحامين الرجال، الذين رأوا في وجود فتاة تترافع في الجنايات أمرًا غريبًا. لكنها لم تلتفت، بل واصلت العمل على نفسها، وقدمت على دراسات عليا بجامعة المنصورة، وتهدف الآن للحصول على الدكتوراه.
رسالتها الإنسانية.. وعدالة للفقراء
ما يميز آلاء حقًا، ليس فقط تمكنها المهني، بل إنسانيتها. تؤمن بأن الله وضعها في هذا المكان لتكون عونًا للفقراء والمظلومين، وتحاول دائمًا تخفيف أتعاب المحاماة، خصوصًا في القضايا الجنائية، لأن "الناس غلابة" على حد وصفها، ولأن الظلم في هذا المجال "بيّن".
تقول دائمًا:
"يا رب استعملني ولا تستبدلني أبدًا."
الختام.. المحامية التي صنعت مسارها بإصرار
قصة آلاء أسامة نصر العراقي ليست فقط عن فتاة درست القانون، بل عن امرأة خاضت معركة الحياة بكرامة وضمير، حتى أصبحت أيقونة مميزة في ساحات الجنايات. وما زالت تواصل رحلتها، لا طلبًا للنجومية، بل لنصرة الحق.