بقلم✍د.مروة الليثي #دليلك للطمأنينة
لماذا نشعر أننا غير مستحقين للراحة أو النجاح؟**
هناك لحظة غريبة يمرّ بها كثير من الناس…
لحظة يُفترض أن يشعروا فيها بالفرح أو الامتنان أو الارتياح،
لكن بدلاً من ذلك يتسلل إليهم شعور بالذنب.
وكأنهم أخذوا ما لا يحق لهم،
أو كأن سعادتهم جاءت على حساب أحد.
هذا الشعور يُسمّى: متلازمة الناجي.
ما هي متلازمة الناجي؟
هي حالة نفسيّة يشعر فيها الفرد بالذنب لأنه نجح، أو نجا، أو تجاوز مرحلة صعبة…
بينما غيره لم يستطع ذلك.
فيتساءل داخليًّا:
"كيف أرتاح بينما غيري ما زال يتألم؟"
"كيف أنجح بينما من حولي يعانون؟"
أمثلة واقعية تحدث يوميًا:
شخص يخرج من علاقة مؤذية، لكنه يشعر بالذنب لأنه "ترك".
شخص يتحسّن نفسيًا، لكنه يخشى إعلان ذلك حتى لا يُغضب الآخرين.
شخص ينجو من بيئة قاسية، لكنه يشعر أنه "ربما كان يجب أن يتحمّل أكثر".
شخص ينجح في عمله، لكنه يردد: "لستُ جديرًا بهذا النجاح."
لماذا يظهر هذا الشعور؟
لأن داخل كل إنسان "قاضيًا داخليًا" تشكّل عبر سنوات من التربية والتجارب، يهمس له:
راحتك ليست أولوية.
النجاح قد يجرح الآخرين.
سعادتك يجب أن تُؤجَّل.
أنت أقل استحقاقًا من غيرك.
وغالبًا يظهر هذا القاضي نتيجة:
مقارنة مستمرة وانتقاص من القيمة أثناء الطفولة.
أسرة تُقدّس التضحية المَرَضيّة.
مسؤوليات حُمّلت للطفل قبل أوانها.
أو صدمة جعلته يشعر أن عليه دائمًا دفع الثمن.
كيف نكسر دائرة متلازمة الناجي؟
1) إدراك أن الشعور بالذنب ليس حقيقة
متلازمة الناجي ليست "ضميرًا يقظًا"،
بل أثر من آثار جراح سابقة.
الراحة ليست جريمة…
والسعادة ليست ترفًا…
إنها حق.
2) استبدال سؤال "لماذا أنا؟" بـ "لماذا لا؟"
عندما يتسلل السؤال:
"لماذا أنا الذي نجوت؟"
حوّله إلى:
"ولماذا لا أستحق النجاة؟"
3) التفكير بعقل لا بخوف
لقد كسرتَ حاجزًا صعبًا، وتحمّلت ما لم يتحمّله غيرك.
من غير المنطقي أن تصل للنور…
ثم تعود إلى الظلمة بإرادتك.
4) السماح للنفس بالتلقّي
الحب، الراحة، الاستقرار، النجاح…
كلها ليست مكافآت تُمنَح للأفضل،
بل حقوق إنسانية متاحة للجميع،
ومنها حقك أنت.
5) تذكّر أن نجاتك ليست خيانة
حين تخرج من مكان يؤذيك،
أنت لم تخن أحدًا…
أنت اخترت السلام.
وهذا ليس هروبًا…
بل شفاء ونضجٌ ووعي.
رسالة ختامية
أنت تستحق النجاة.
وتستحق الراحة التي وصلت إليها.
وتستحق اللحظة الهادئة التي بين يديك الآن.
وليس في حياتك شيء "جاء أكثر من حقك".
أنت تستحق… لأنك إنسان.