إيمان الهدبان أمٌ صنعت رسالة، ورسالة صنعت مركزًا، ومركزٌ بدأ من قلب أب احتوى الفكرة قبل أن تولد
في عالمٍ تتكرر فيه العناوين وتتشابه فيه المبادرات، تظهر شخصيات لا يمكن أن تتكرر… شخصيات تُبنى تجربتها من الداخل، من معاناة صادقة، ومن دعمٍ حقيقي جعلها تقف اليوم بثبات.
ومن بين هذه الشخصيات النادرة… إيمان الهدبان.
امرأة لم تدخل عالم رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة من باب الوظيفة، ولا بحثًا عن لقب، بل دخلته من أعمق أبوابه:
من باب الأمومة.
فهي ليست فقط مديرة مركز الهدبان لذوي الاحتياجات الخاصة…
بل أم لطفل توحدي.
وهو الدور الذي علّمها ما لا تعلّمه الجامعات، ومنحها حسًّا لا يُشترى، وخبرة لا تُدرّس.
لكن خلف هذه الحكاية جانب لا يعرفه الكثيرون…
جانبٌ يبدأ من رجلٍ كان له الدور الأكبر في احتوائها، وفي احتواء حلمها منذ اللحظة الأولى.
غسان الهدبان
امين عام وزارة النفط العراقية السابق
الأب الذي آمن بابنته قبل أن تؤمن بنفسها، ودعم فكرتها عندما كانت مجرد بذرة في قلبها، وظل واقفًا خلفها، يرفع عنها ثقل الرحلة ويمنحها دعمًا نفسيًا وفكريًا لا ينطفئ.
وهكذا… قامت الفكرة على قلب أم، وارتكزت على حكمة أب.
أم قبل أن تكون قائدة… وهذا سرّ الهدبان
أي شخص يستطيع أن يدير مركزًا، لكن قليلين يستطيعون فهم عالم طفلٍ مختلف.
والفهم الحقيقي لا يأتي من الكتب… بل من التجربة.
إيمان عاشت رحلة طفلها بكل تفاصيلها:
• الخوف الأول عند التشخيص
• محاولات العلاج
• القلق الذي يسرق النوم
• مواجهة المجتمع
• البحث عن الأمل بين عشرات الأبواب المغلقة
من هنا وُلدت رؤيتها.
ومن هنا أصبح كل طفل يدخل مركز الهدبان… قريبًا لقلبها قبل ملفه.
هي تعرف ماذا تشعر كل أم تُفاجأ بتقرير طبي،
وتعرف وجع أب لا يستطيع تحمل تكاليف جلسات،
وتعرف تمامًا معنى كلمة: “ابنك مش طبيعي”…
لأنها سمعتها، وتألمت منها، وانتصرت عليها.
ومن التجربة… تولد مؤسسة
مركز الهدبان لم يُبنى عبر مشروع مكتبي أو قرار سريع.
بل بُني من تجربة شخصية، ومن دعم والدها الذي احتضن الحلم منذ بدايته.
عندما لم تجد من يرشدها… قررت أن تكون هي الدليل.
وعندما شعرت بنقص الخدمات… قدمت أفضلها.
وعندما شعرت بوحدة الطريق… صنعت مجتمعًا كاملًا من الدعم.
ولذلك أصبح مركز الهدبان مساحة أمان، وبيتًا للأمهات قبل الأطفال، ومرجعًا لليد التي لا تتخلى.
تطوير لا يتوقف… لأن قلب الأم لا يتوقف
إيمان لا تطوّر المركز لأنها تريد التطوير فحسب…
بل لأنها تعرف أن تأخير جلسة… يعني تأخير خطوة من مستقبل طفل.
لهذا أدخلت أحدث البرامج، وركّزت على الجودة الحقيقية:
• العلاج السلوكي
• العلاج الحسي
• تنمية المهارات
• تعديل السلوك
• الدمج الاجتماعي
• خطط فردية دقيقة لكل طفل
ولم تختَر موظفين… بل اختارت أشخاصًا يؤمنون بالقضية.
الحضور الإنساني… الذي يعلّم قبل أي شهادة
الأطفال لا يحتاجون كلمات معقدة…
يحتاجون يدًا تشعر بهم.
وهذا ما تفعله إيمان:
حاضرة في الجلسات، في التقييمات، في المكالمات الصعبة، وفي لحظة الانهيار التي تمر بها كل أم.
حضورها ليس منصبًا…
بل امتداد لدورها كأم لطفل توحدي.
الوالد… الجذر الذي نمت منه كل هذه القوة
ورغم كل هذا… تبقى حقيقة ثابتة:
أن الأب الذي احتواها واحتوى حلمها كان حجر الأساس.
غسان الهدبان — بخبرته، ودعمه، وفهمه — كان الركيزة التي استندت عليها في أصعب لحظاتها.
ومثلما يحتاج الطفل دعم أمه… احتاجت هي دعم والدها، فوجدته حاضرًا بقلبه قبل كلماته.
خاتمة…
إيمان الهدبان ليست مجرد مديرة، ولا صاحبة مركز، ولا اسم في مجال إنساني.
هي أم لطفل توحدي…
وابنة لرجلٍ آمن بفكرتها…
وصوت لقضية لا تنطفئ…
ورحلة بدأت من الألم، وتحولت إلى أمل لعشرات الأسر.
ومن قلب أم… ودعم أب…
ولد مركزٌ لا يشبه أي مركز


