كانت تجلس أمام المرآة كل صباح، ترتّب شعرها بسرعة، وتضع لمسة خفيفة من الكحل… ثم تبتسم.
ابتسامة ثابتة، هادئة، متقنة… كأنها جزء من ملامحها.
لكن الحقيقة؟
تلك الابتسامة لم تكن راحة… بل درعًا.
لم يكن أحد يعرف أن خلف تلك الابتسامة،
امرأة تستيقظ كل يوم وهي تحاول إقناع نفسها أنها بخير،
وتنام كل ليلة وهي تخفي دمعة لا تجد وقتًا للخروج.
كانوا يقولون عنها:
"قوية."
"ما بتتأثرش."
"دي بتشيل الدنيا ومبتتعبش."
وحدها كانت تعرف أنها لا تشيل الدنيا…
هي فقط تحاول ألا تقع تحتها.
كانت تضحك في وجه الجميع،
وتربّت على أكتاف الآخرين،
وتقول لهم الجملة التي لم يجرؤ أحد على قولها لها:
"هتبقى بخير."
لكن في أعماقها، كان هناك شيء يتعب… يتآكل… يطلب أن يُسمَع.
كانت هناك طفلة صغيرة في داخلها،
ترفع يدها وتقول بصوتٍ خافت:
"أنا تعبت… حدّ يحس بيا."
ولم يسمعها أحد.
حتى جاء يومٌ بسيط،
يوم يشبه الأيام كلها،
لكنها كانت على وشك الانهيار.
جلست وحدها دقائق قصيرة،
ونظرت للابتسامة التي ترتديها كل يوم،
ثم سألت نفسها لأول مرة:
"ولماذا عليّ أن أبدو قوية دائمًا؟"
لم تجد إجابة.
لكنها وجدت شيئًا أهم…
وجدت شجاعة صغيرة تتحرك داخلها.
مدّت يدها ومسحت الكحل الذابل تحت عينيها،
وتركت الابتسامة جانبًا،
ثم سمحت لدمعة واحدة—فقط واحدة—أن تسقط.
وبتلك الدمعة، أدركت شيئًا عميقًا:
أن الاعتراف بالتعب ليس ضعفًا،
وأن الصمود بدون استراحة… ليس بطولة،
وأن الإنسان لا يمكنه أن يمنح العالم ما لا يمنحه لنفسه.
ومن ذلك اليوم…
لم تعد تبتسم لأنها مضطرة،
بل لأنها بدأت—ببطء، وبصدق—
تتعافى.
وبين كل خطوة وخطوة،
كانت تكتشف أن أجمل الابتسامات…
هي تلك التي وُلدت بعد معركة،
لا تلك التي خُبّئت خلفها.
الوسوم:
الصحه النفسيه
