على ضفاف النيل، حيث تصدح الذاكرة بتاريخ طويل من الصمود، يقف شباب الخرطوم ومعهم أشقاء عرب ليكتبوا فصلًا جديدًا عنوانه: "الحياة تعود من جديد". ليست مجرد مبادرة لإعادة إعمار مدينة أنهكتها التحديات، بل حركة إنسانية جامعة، توحد بين حماس الشباب وطاقتهم، وبين عزم رجال وسيدات الأعمال، ودعم المؤسسات الخيرية والشركات والمصانع من دول عربية عدة، في مقدمتها مصر.
روح الشباب في مواجهة الركام
لم ينتظر شباب الخرطوم يدًا تنتشلهم من الأزمة، بل قرروا أن يكونوا هم اليد الأولى، القادرة على تحويل الحلم إلى واقع. انطلقوا بخطوات واثقة، رافعين شعار: "إعمار الخرطوم ليس مشروعًا، بل واجبًا وطنيًا وإنسانيًا".
المبادرة... أكثر من بناء
المبادرة لم تقتصر على إعادة ترميم المباني، بل سعت إلى إعادة الروح للمدينة. فهي تشمل المساجد والكنائس، المستشفيات والمدارس والجامعات، والأسواق والأندية الرياضية والثقافية والاجتماعية. كما وضعت خطة لتجميل وإنارة الشوارع والكباري، وصيانة شبكات المياه والصرف الصحي، ونظافة الميادين والحدائق، حتى تبدو الخرطوم كما لم تبدُ من قبل: مدينة للحياة والأمل.
دعم متكامل
الدعم المقدم واسع ومتعدد الجوانب، يشمل الإسمنت والحديد والدهانات، مرورًا بمعدات السباكة والأجهزة الكهربائية والسيراميك، وصولًا إلى تجهيزات الجامعات والمدارس والمستشفيات. ولم تُغفل المبادرة تزويد الأندية الرياضية بالمعدات، ولا توفير المواد الغذائية لأهالي ولاية الخرطوم، ليصبح الإعمار جسدًا حيًا ينبض في كل ركن من العاصمة.
تكامل الأجيال
الجميل في هذه المبادرة أن الشباب لم يتحركوا وحدهم، بل وجدوا إلى جانبهم دعمًا من رجال وسيدات الأعمال العرب، لتشكل هذه الشراكة نموذجًا فريدًا من تكامل الطاقات بين الأجيال: شباب يحمل الحلم ويشعل الشرارة، وخبرات اقتصادية ومؤسسات تمدهم بالموارد والقدرات.
الخرطوم... رمز الصمود والأمل
اليوم، الخرطوم لا تبني جدرانها فقط، بل تبني قصة جديدة للعالم: قصة عن شعب ينهض، وأمة تتكاتف، وشباب يثبت أن الإرادة أقوى من كل دمار.
هذه ليست مبادرة عابرة، بل وعد طويل المدى، أن تظل الخرطوم مدينة الحياة، مهما اشتدت المحن.